أنواع الأمراض النفسية

تعتبر الاضطرابات الصحية النفسية أمراً معقداً يتنوع في أشكاله، ووفقًا للتقديرات التي نشرت في عام 2017، يُعاني حوالي 970 مليون شخص في جميع أنحاء العالم من الأمراض النفسية والاضطرابات وإدمان المخدرات. فيما يلي سنتعرف على أهم أنواع الأمراض النفسية.

أنواع الأمراض النفسية

يعتبر الكتاب الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5) النسخة الخامسة من هذا الكتاب، والذي يتضمن ما يقرب من 300 نوع مختلف من الأمراض النفسية. يعتبر هذا الكتاب أداة مهمة يستخدمها الأخصائيون لتشخيص وتحديد الأمراض النفسية. فيما يلي سنستعرض بعض المعلومات حول الاضطرابات النفسية الأكثر شيوعًا التي تتضمنها الكتاب:

1 – اضطرابات المزاج:

تشير مصطلح “اضطرابات المزاج” إلى مجموعة من الاضطرابات التي تتسبب في تغيرات في المزاج وتتضمن أعراضًا متنوعة. وتشمل هذه الاضطرابات الشعور المستمر بالحزن أو الاكتئاب الشديد، أو الشعور بالسعادة المفرطة لفترات طويلة، أو التقلب المتكرر بين الحالات العاطفية المتناقضة مثل السعادة المفرطة والحزن الشديد.

تشمل أنواع اضطرابات المزاج التالية:

  • اضطراب الاكتئاب الشديد: يتميز بالشعور بالحزن العميق وفقدان الاهتمام والسرور في الأنشطة اليومية، ويمكن أن يصاحبه اضطرابات النوم والشهية والتفكير السلبي.
  • الاكتئاب الجزئي أو عسر المزاج: يتميز بالشعور بالاكتئاب الطفيف إلى متوسط الشدة لفترات طويلة تصل إلى سنتين أو أكثر، وقد يترافق مع اضطرابات النوم والتركيز والشعور باليأس.
  • اضطراب ثنائي القطب: يتميز بالتبدل بين فترات من الاكتئاب الشديد وفترات من السعادة المفرطة والهمجية، ويمكن أن يؤثر على السلوك والعمل والعلاقات الشخصية.
  • اضطرابات المزاج بسبب الحالة الطبية العامة: يحدث نتيجة لتأثير حالة طبية عامة مثل مرض القلب أو السكري على المزاج، ويمكن أن يظهر بصورة اكتئاب أو انفعال غير طبيعي.
  • اضطراب المزاج الناجم عن استخدام مواد معينة: يحدث نتيجة استخدام مواد مثل الكحول أو المخدرات، ويمكن أن يتسبب في تغيرات في المزاج والسلوك.

يهدف تشخيص وعلاج اضطرابات المزاج إلى تحسين الحالة العاطفية والعامة للفرد، ويتضمن العلاج عادة العلاج الدوائي والعلاج النفسي وفي بعض الحالات يكون من الضروري الجمع بينهما. ينصح بالتشاور مع الطبيب المتخصص للحصول على التشخيص الصحيح والخطة العلاجية المناسبة.

2 – اضطرابات القلق:

يشعر المرضى الذين يعانون من اضطرابات القلق بمشاعر الخوف والرهبة تجاه أشياء ومواقف محددة، ويصاحب ذلك ظهور علامات جسدية للقلق والذعر، مثل ارتفاع معدل ضربات القلب والتعرق. وتشمل اضطرابات القلق التالية:

  • اضطراب القلق العام: يتميز بالقلق والتوتر المستمر والمستمر على مدار الأشهر، ويصاحبه صعوبة في التركيز والاسترخاء والارتياح العام.
  • اضطراب الهلع: يتميز بنوبات الهلع المفاجئة والمرعبة، ترافقها أعراض جسدية مثل ضيق التنفس وتسارع ضربات القلب والدوخة.
  • اضطراب القلق الاجتماعي: يتميز بالقلق والخوف الشديدين في المواقف الاجتماعية، ويصاحبه خوف مرضي من التعرض للمراقبة والانتقاد.
  • الرهاب المحدد: يتميز بالخوف المفرط والغير مبرر من مواقف أو أشياء معينة، مثل الارتفاعات أو الحيوانات أو الأماكن المغلقة.

3 – اضطرابات الشخصية:

يصف مصطلح “اضطرابات الشخصية” بوجود نماذج سلوكية طويلة الأمد في شخصية الفرد، بالإضافة إلى تجارب داخلية تختلف بشكل كبير عن المتوقع. يبدأ هذا النمط السلوكي والتجربة في أواخر مرحلة المراهقة أو بداية مرحلة البلوغ، مما يؤدي إلى الشقاء والمشاكل في الحياة. ومن أمثلة اضطرابات الشخصية المشتملة على:

  • اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع.
  • اضطراب الشخصية التجنبية.
  • اضطراب الشخصية الحدية.
  • اضطراب الشخصية الزوراني، المعروف أيضًا بجنون العظمة.

إقرئي أيضا : متى يجب علي زيارة الطبيب النفسي؟

4 – الاضطراب الذهاني:

تتميز الاضطرابات الذهانية بتشوه في عملية التفكير والوعي، وتُعَدُّ حالة الفصام من الأمثلة البارزة على هذه الاضطرابات. يعاني المرضى المصابون بالفصام عادةً من عرضين رئيسيين، وهما الأكثر انتشارًا في الاضطرابات الذهانية، وهما:

  • الهلوسة: يتعرض المريض فيها لتجارب حسية غير حقيقية، مثل رؤية صور أو سماع أصوات لا وجود لها في الواقع.
  • الأوهام: يتمتع المريض بها بمعتقدات ثابتة خاطئة، وعلى الرغم من وجود أدلة تشير إلى عكس ذلك، إلا أنه يصر على صحة معتقداته ويتقبلها.

5 – اضطرابات الأكل:

يتضمن اضطرابات الأكل تجربة المصاب أو ظهور سلوكيات غير طبيعية فيما يتعلق بالطعام والوزن الجسم، ومن بين أمثلة هذه الاضطرابات المشتركة نذكر:

  • اضطراب انفتاح الشهية: يشير إلى زيادة شديدة في الرغبة في تناول الطعام والشعور بالجوع المستمر. يمكن أن يتسبب في زيادة الوزن بشكل ملحوظ.
  • اضطراب فقدان الشهية العصبي: يتميز بفقدان الشهية والاهتمام بتناول الطعام. قد يتسبب في فقدان الوزن والنقص الحاد في التغذية.
  • اضطراب الشره المرضي العصبي: يتميز بنظرة مشوشة تجاه الجسم والوزن، حيث يتعرض المصاب لشعور مفرط بالسمنة رغم عدم وجودها في الواقع. يمكن أن يتسبب في الشعور بالرغبة الملحة في التخلص من الطعام عن طريق القيء أو استخدام الملينات أو ممارسة التمارين الرياضية بشكل مفرط.

6 – الاضطرابات المرتبطة بالصدمات:

الاضطرابات المرتبطة بالصدمات تعتبر ردود فعل نفسية خطيرة التي تحدث نتيجة لتعرض الشخص لحدث مؤلم أو مرهق. وتكون هذه الاضطرابات مرتبطة بشكل خاص بالصدمات والضغوط النفسية، وتشمل مجموعة من الأحداث مثل:

  1. إهمال الطفولة.
  2. القتال والتعرض للصراعات العنيفة.
  3. التعرض للاعتداء الجسدي.
  4. التعرض للاعتداء الجنسي.
  5. الكوارث الطبيعية مثل الزلازل أو الأعاصير.
  6. الحوادث المؤلمة مثل حوادث السيارات أو الحوادث الصناعية.
  7. التعذيب أو الاعتقال التعسفي.

ومن الأمثلة على هذه الاضطرابات يُذكر اضطراب ما بعد الصدمة، الذي يحدث عندما يتعذر على المريض التغلب على مشاعر الخوف والقلق والذكريات المرتبطة بالحدث المؤلم. وتظل هذه المشاعر مستمرة لفترة طويلة وتتداخل مع حياتهم اليومية. ومن الجدير بالذكر أن هذا الاضطراب قابل للعلاج.

7 – اضطرابات تعاطي المواد:

يؤثر الإدمان أو تعاطي المواد المخدرة على دماغ الفرد وسلوكه بشكل يجعله غير قادر على التحكم في استخدام المخدرات سواء كانت قانونية أم غير قانونية. ومن بين الأمثلة البارزة للمخدرات التي تسبب هذا الاضطراب:

  1. الكحول.
  2. الماريجوانا.
  3. النيكوتين.

8 – اضطراب الوسواس القهري:

اضطراب الوسواس القهري (OCD) هو اضطراب نفسي شائع ومزمن يتميز بوجود أفكار متكررة وغير قابلة للسيطرة، ويمتد على المدى الطويل. يعاني الأفراد المصابون بـ OCD من أفكار مُرِضِية تعاودهم بشكل مستمر، وقد ترتبط هذه الأفكار بما يلي:

  1. الخوف من الجراثيم أو التلوث: يتسبب الخوف المفرط من الجراثيم أو التعرض للتلوث في وجود أفكار تجبر الشخص على اتخاذ إجراءات للتنظيف المفرط والتخلص من الجراثيم، حتى على سبيل الإفراط.
  2. التمسك بأشياء ذات شكل مماثل: يتميز البعض بالحاجة الملحة لامتلاك أشياء تشترك في شكلها أو تفاصيلها، وتكون هذه الأفكار الثابتة مرتبطة بالحاجة الملحة للتجميع والاحتفاظ بالأشياء ذات الصلة.
  3. الحاجة لترتيب الأدوات بشكل مثالي: يشعر الشخص المصاب بـ OCD بالقلق والضغط النفسي إذا لم يكن لديه الأدوات أو الأشياء المحيطة به مرتبة بشكل مثالي ومنظم ووفقًا لترتيب محدد.
  4. التكرار القهري للسلوكيات مثل التنظيف المفرط أو غسل اليدين: يعاني الأشخاص المصابون بـ OCD من شعورٍ قاسٍ بالضرورة الملحة لتكرار سلوكيات معينة، مثل غسل اليدين مرارًا وتكرارًا بشكل مفرط، وذلك للشعور بالارتياح أو للتخلص من الشكوك والتوتر الذي ينجم عن الوسواس.
  5. الترتيب الدقيق والمحدد للأشياء: يشعر الأفراد المصابون بـ OCD بضرورة ترتيب الأشياء حسب نظام دقيق ومحدد، ويشعرون بعدم الارتياح والتوتر الشديد إذا لم يتم تنفيذ الترتيب بالطريقة المناسبة.

باختصار، يُمكن القول أن اضطراب الوسواس القهري (OCD) هو حالة نفسية تتسم بالأفكار المتكررة والقوة القهرية للقيام بسلوكيات معينة، مثل التنظيف المفرط والترتيب الدقيق، وذلك للتخفيف من التوتر والقلق الذي ينجم عن هذه الأفكار.

تشخيص الاضطرابات النفسية

يتبع الطبيب عدة إجراءات لتشخيص مختلف الأمراض النفسية، وتتضمن هذه الإجراءات:

  1. جمع التاريخ الطبي للشخص: يقوم الطبيب بمقابلة المريض للحصول على معلومات شاملة عن تاريخه الطبي، بما في ذلك الأعراض التي يعاني منها ومتى بدأت، وأي أحداث مهمة قد تكون لها علاقة بالحالة النفسية الحالية.
  1. الفحص البدني: يقوم الطبيب بإجراء فحص بدني للتحقق من وجود أي أسباب بدنية قد تسبب أعراضاً نفسية. قد يتضمن ذلك فحص الوظائف الحيوية والتحاليل الطبية العامة.
  1. الفحوص المخبرية: إذا كان الطبيب يشتبه في وجود حالات طبية أخرى قد تكون سبباً في الأعراض النفسية، فقد يتم طلب فحوصات مخبرية إضافية. تشمل هذه الفحوص تحاليل الدم وفحوصات الهرمونات وفحوصات الأعضاء الداخلية للتأكد من عدم وجود تغيرات في الوظائف البدنية.
  1. التقييم النفسي: يشمل هذا الجزء من العملية توجيه العديد من الأسئلة التي تتعلق بالأفكار والمشاعر والسلوك. يهدف التقييم النفسي إلى فهم الحالة النفسية العامة للشخص وتحديد أي الأمراض النفسية قد تكون حاضرة، وقد يستخدم الطبيب أدوات تقييم الأمراض النفسية معينة لمساعدته في تقييم الحالة بشكل أفضل.

باستخدام هذه الخطوات، يمكن للطبيب الوصول إلى تشخيص مبدئي للاضطراب النفسي المحتمل والبدء في وضع خطة علاجية مناسبة. ومن المهم أن يتعاون المريض بصدق مع الطبيب وأن يشرح بدقة الأعراض التي يعاني منها، حيث يعتبر التعاون بين الطبيب والمريض أساسياً للوصول إلى تشخيص صحيح وتقديم الرعاية المناسبة.

سبب الإضطرابات النفسية

قد تنجم الاضطرابات النفسية عن عدة عوامل، وتساهم عدة عوامل في زيادة احتمالية الإصابة بالأمراض النفسية المختلفة، ومن هذه العوامل:

  • الوراثة: حيث يمكن أن تكون للجينات دور في ظهور الاضطرابات النفسية.
  • التاريخ المرضي العائلي: يمكن أن يزيد وجود تاريخ مرضي للاضطرابات النفسية في أفراد العائلة من خطر الإصابة بها.
  • الظروف الحياتية: تشمل الإجهاد وتعرض الشخص لسوء المعاملة، خاصة في مرحلة الطفولة. قد تزيد هذه الظروف من احتمالية تطور الاضطرابات النفسية.
  • العوامل البيولوجية: مثل الاختلالات الكيميائية في الدماغ، التي يمكن أن تؤثر على وظائفه وترتبط بظهور الأمراض النفسية.
  • إصابة الدماغ: يمكن أن تزيد الإصابة بالدماغ الرضحية، أي الإصابة داخل الجمجمة، من احتمالية ظهور اضطرابات نفسية.
  • تعرض الأم للفيروسات أو المواد الكيميائية السامة أثناء فترة الحمل، والتي قد تؤثر على تطور الدماغ وتزيد من احتمالية الأمراض النفسية للطفل.
  • تعاطي الكحول أو المخدرات: يمكن أن يزيد تعاطي الكحول أو المخدرات من خطر ظهور الاضطرابات النفسية.
  • وجود حالة طبية خطيرة مثل السرطان، والتي قد تسبب تأثيرات نفسية وزيادة احتمالية ظهور الأمراض النفسية.
  • الشعور بالوحدة أو العزلة: يمكن أن يرتبط وجود عدد قليل من الأصدقاء بزيادة احتمالية الأمراض النفسية والشعور بالوحدة أو العزلة.

ويرجى الأخذ في الاعتبار أن الأمراض النفسية لا تنتج بسبب عيوب في الشخصية، وأنها ليست مرتبطة بكون الشخص كسولًا أو ضعيفًا.

إقرئي أيضا : الأمراض النفسية لدى الأطفال

المراجـــع   [+]
المراجع المعتمدة
1 - Post-traumatic stress disorder (PTSD)2 - Drug addiction (substance use disorder)3 - Impulse Control Disorder

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى