شروط تشخيص المرض النفسي
محتويات الموضوع
بدايةً، يتعين أن نفهم أن العلاج الفعّال مرهون بالتشخيص الصحيح لهذا المرض النفسي. يتيح التشخيص الدقيق للمشكلة النفسية الفرصة لتحديد الخطوات العلاجية الأمثل التي من شأنها تحسين نوعية حياة الفرد المتأثر بهذه الأمراض. في هذا السياق، سنناقش شروط تشخيص الأمراض النفسية وسنتناول ما إذا كان ضرورياً إجراء تحاليل وفحوصات خاصة للتوصل إلى التشخيص.
ما هي شروط تشخيص المرض النفسي؟
فعلياً، تكون سلوكيات الفرد وأفكاره عوامل مؤثرة بشكل كبير في توجيه الأنظار نحو الأعراض التي تشكل جزءًا من المعايير التشخيصية للاضطرابات النفسية. يعتمد أطباء النفس في تشخيص هذه الاضطرابات بشكل رئيسي على الإصدار الخامس من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية المعروف بالاختصار DSM-5. هذا الدليل يحتوي على تعريف دقيق للأعراض المعتمدة لتشخيص مختلف الاضطرابات النفسية.
يقوم الدليل بتحديد الأعراض المميزة لكل اضطراب، بما في ذلك عددها ومدى تأثيرها على الفرد. كما يوفر وصفاً دقيقاً للأعراض المرتبطة بكل اضطراب، ويشدد على الاختلافات الفردية والظروف المحيطة بظهور هذه الأعراض. يهدف هذا الدليل إلى توجيه الأطباء نحو تشخيص دقيق لهذا المرض النفسي بناءً على مجموعة محددة من الأعراض واستبعاد الأعراض المماثلة لأمراض أخرى.
بهذا السياق، يمكن تلخيص الشروط الأساسية لتشخيص أبرز الاضطرابات النفسية كما يلي:
- شروط تشخيص الاكتئاب:
عند تشخيص الفرد بهذا المرض النفسي أي الاضطراب الاكتئابي المفرط، يجب أن تظهر خمسة أو أكثر من الأعراض التالية خلال أسبوعين من ظهور العرض الأول:
- فقدان القدرة على الاستمتاع بالأنشطة اليومية المعتادة بشكل مفاجئ ومتكرر.
- مزاج مكتئب يستمر على مدار اليوم بشكل متكرر ويومي.
- صعوبة كبيرة في التركيز اليومي.
- الشعور بالذنب بشكل مفرط، إلى جانب شعور بفقدان القيمة بشكل يومي ومتكرر.
- الإرهاق والشعور بانعدام الطاقة بشكل يومي.
- تغيرات في الوزن، سواء كان ذلك فقدانًا واضحًا للوزن أو زيادة كبيرة فيه دون تغيير في النمط الغذائي أو تغييرات في الشهية.
- التفكير المتكرر بالموت والانتحار دون وجود خطة محددة للتنفيذ.
- انخفاض النشاط الحركي وصعوبة التفكير بالشكل الذي يمكن تمييزه من قبل الآخرين.
اقرئي أيضا: متى يجب علي زيارة الطبيب النفسي؟
- شروط تشخيص اضطراب القلق:
اضطراب القلق العام يتجلى في زيادة شديدة في الشعور بالتوتر تجاه مجموعة متنوعة من الأحداث والمواضيع والأنشطة، وهذا القلق يكون صعب التحكم فيه. يمكن أن يستمر هذا الشعور لمدة تصل إلى ستة أشهر على الأقل. بالواقع، يمكن أن يتسبب القلق والأعراض الجسدية المصاحبة له في تقديم أداء ضعيف في العمل والحياة الاجتماعية وفي مجموعة متنوعة من المجالات الحيوية الأخرى. ويمكن أن يحدث هذا النوع من المرض النفسي بغض النظر عن التأثيرات الجسدية مثل الأدوية أو تعاطي المخدرات أو حتى وجود حالة طبية معينة مثل فرط نشاط الغدة الدرقية.
ويكون القلق غالبًا مصاحبًا لثلاثة على الأقل من الأعراض الجسدية أو العقلية لدى البالغين، بينما يكفي وجود عرض واحد عند الأطفال لتشخيصهم بمعاناة من اضطراب القلق العام. وبالنسبة للأعراض المرافقة لهذا الاضطراب، يمكن تلخيصها على النحو التالي:
- القلق أو الشعور بالغثيان.
- شعور سريع بالتعب والإرهاق بشكل أكبر من العادة.
- فقدان القدرة على التركيز أو ضعفه، بالإضافة إلى الشعور بفراغ العقل من أي فكرة أو معلومة.
- زيادة في آلام العضلات.
- العصبية سواء كانت واضحة للآخرين أم لا.
- صعوبة في النوم.
- الاضطراب ثنائي القطب :
يمكن أن يتجلى هذا المرض النفسي على شكل هوس أو اكتئاب. للتشخيص الصحيح لهذا الاضطراب النفسي، يجب أن يكون الشخص قد تجرب على الأقل نوبة واحدة من الهوس، حتى وإن كانت طفيفة. كما يجب أن يستمر المزاج المضطرب أو سرعة الانفعال لمدة أسبوع على الأقل، وذلك على مدار اليوم تقريبًا وكل يوم تقريبًا، لكي يتم تصنيفه كحالة هوس. أما بالنسبة للهوس الطفيف، فيجب أن يستمر المزاج المضطرب لمدة تصل إلى أربعة أيام متتالية على الأقل، طوال اليوم تقريبًا وكل يوم تقريبًا. خلال هذه الفترة، يجب أن تكون ثلاثة أو أكثر من الأعراض التالية موجودة وتمثل تغييرًا كبيرًا عن السلوك الاعتيادي:
- الثرثرة المفرطة.
- فقدان الرغبة في النوم أو شعور بعدم الحاجة إليه.
- فقدان القدرة على التركيز والتشتت.
- التقدير المفرط للذات أو الشعور بالعظمة.
- زيادة في الانفعالات الحركية.
- التفكير المتسرع.
- ممارسة أنشطة يمكن أن تؤدي إلى عواقب غير ملائمة.
فيما يتعلق بتشخيص الإصابة بالاضطراب ثنائي القطب، فإن الإجراء المتبع هو نفس الإجراء المستخدم لتشخيص الاضطراب الاكتئابي المفرط، كما تم ذكره سابقًا في المقال.
- اضطراب الشخصية:
يمكن تشخيص هذا المرض النفسي أي اضطراب الشخصية من خلال العوامل التالية:
- توجد سمات تُظهر عدم القدرة على التكيف مع البيئة وصعوبة في تفسير الذات والأحداث بشكل صحيح. بالإضافة إلى ذلك، يُلاحظ فقدان القدرة على التفاعل الاجتماعي الصحيح مع الآخرين وصعوبة في السيطرة على الانفعالات.
- يُلاحظ شعور الفرد بالضيق والإحباط عند مواجهته لمواقف أو تحديات تتطلب التكيف، مما ينتج عنه سلوك غير مناسب نتيجة لسوء التكيف.
- يتم استبعاد الأسباب الأخرى الممكنة لظهور هذه الأعراض، مثل اضطرابات نفسية أخرى أو تعرض الفرد لإصابة في الرأس أو نتيجة لتعاطي المخدرات.
- تقوم الفحوصات والتقييم السريري بتأكيد تشخيص اضطراب الشخصية واستبعاد أي عوامل أخرى قد تكون مسؤولة عن الأعراض المشابهة لهذا المرض النفسي.
- اضطراب الوسواس القهري:
يعتبر اضطراب الوسواس القهري المرض النفسي الأكثر تعقيدا ومزمنًا، ويمكن تحديده من خلال مجموعة من العلامات والأعراض:
- الهواجس: تعبير عنها عن طريق الأفكار السلبية التي يجد الشخص صعوبة في مقاومتها. تتضمن هذه الأفكار أفكارًا محظورة من جميع الأنواع مثل الجنسية أو الدينية أو العدوانية أو الشكوك المفرطة.
- السلوكيات التي تهدف إلى مواجهة الوسواس: يظهر الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الوسواس القهري سلوكيات تقوم بمثابرتها للتخفيف من القلق الذي ينجم عن هذه الهواجس. قد تصبح هذه السلوكيات إجبارية، على سبيل المثال، تكرار غسل اليدين بشكل متواصل.
هل يحتاج تشخيص المرض النفسي لإجراء تحاليل وفحوصات معينة؟
الإجابة هي لا، لا توجد اختبارات معينة يمكن أجراؤها لتشخيص الاضطرابات النفسية. تعتمد عملية التشخيص بشكل أساسي على تقدير الأعراض ومدى استمرارها. ومع ذلك، يمكن أن تتم إجراء الفحوصات أو التحاليل الطبية بهدف استبعاد وجود حالات طبية أخرى قد تكون مسؤولة عن الأعراض المشابهة لتلك المرتبطة بالاضطرابات النفسية. على سبيل المثال، يمكن أن تكون هناك حاجة لاختبار وظيفة الغدة الدرقية لاستبعاد اضطرابات مثل خمول الغدة الدرقية، الذي يمكن أن يسبب أعراضًا مثل الحزن، والكآبة، واليأس.
اقرئي أيضا: الأمراض النفسية لدى الأطفال